تدمير القوة الجوية المصرية والسورية والاردنية خلال ثلاث ساعات
الاردن اليوم: شهد فلسطينيون واسرائيليون على حرب حزيران/يونيو 1967. من القدس وغزة والجولان، يروي بعض من هؤلاء ذكرياتهم.
يعقوب صندوقة: 19 عاما في 1967 “في ذلك الاثنين الخامس من حزيران/يونيو 1967، كنت أعمل في محلنا في باب خان الزيت في القدس القديمة ببيع البن مع والدي وإخوتي الثلاثة، عندما أعلنت الحرب”.
“كان عمري 19 عاما. أذكر أننا أغلقنا محلنا وأغلق السوق أبوابه. حاولنا الخروج الى بيتنا في حي شعفاط في شمال القدس ولم نستطع. أغلق الجيش الاردني باب العامود، البوابة الرئيسية للمدينة حرصا على حياة الناس، لأن الجيش الاسرائيلي كان يطلق النار من منطقة فندق نوتردام في المنطقة الحرام (العازلة)، ثم توجهنا الى باب الساهرة. كان أيضا مغلقا”.
لم يتمكن يعقوب وأشقاؤه ووالده من الوصول الى شعفاط في تلك الليلة. “توجهنا الى بيت قديم لنا في شارع صلاح الدين” القريب “حيث يسكن عدد من أقربائي، بينما كانت والدتي واخواتي الاربع في شعفاط”.
في صباح اليوم التالي، كان الجيش الاسرائيلي وصل الى شارع صلاح الدين وتمركز في المقبرة المرتفعة المطلة على المدينة المقابلة لمنزل صندوقة، “لكننا لم نكن نعلم. بالقرب من بيتنا، تمترس أربعة جنود أردنيين على سطح بناية وكانوا يطلقون النار من بنادقهم على الطائرات الاسرائيلية”.
“دخل الجنود الاسرائيليون الى حوش بيتنا، وأطلقوا النار بشكل عشوائي على أخي عيسى (28 عاما) وعلى عمي صادق (65 عاما) وعلى أخي عبد الحميد (36عاما). بعدها اقتحموا البيت وقالوا بلكنة ولغة عربية ثقيلة +ارفعوا ايديكم واخرجوا+”.
“عندها صدمنا برؤية جثتي أخي وعمي. لم نتوقف ولم ننظر اليهما، كان الموت قريبا جدا منّا”.
– “انفذ بجلدك” – وأصيب عبد الحميد بجروح بالغة، “لكنه نهض وخرج من باب فرعي الى شارع ابن سينا ولحقه والدي وأخي أحمد (49 عاما) ثم أنا”.
لم يتمكن عبد الحميد من متابعة الطريق. “سقط أرضا في الشارع، قبل أن يلفظ أنفاسه الاخيرة. توجه والدي وأخي الى باب الاسباط. كان وقت +انفذ بجلدك+، لا تفكر بشيء. سمعت صوت الجنود الاسرائيلين يقتربون، صعدت على سطح بناية ونزلت عبر المواسير الى شارع آخر وركضت باتجاه الجثمانية”.
“وصلت الى بيت عم لي أخبرته بما جرى. كانت لديه شاحنة، صعدت معه وافراد عائلته اليها وسافرنا عبر جسر اللنبي. كانت الطائرات الاسرائيلية تقصف”. ودمر الجسر في وقت لاحق.
عاد يعقوب بعد أربعين يوما الى القدس “متسللا سباحة في نهر الاردن”. هناك علم أن شقيقه عبد الحميد دفن في مقبرة الرحمة على ايدي عمال البلدية بعد ستة ايام على مقتله، بينما دفن عمه وشقيقه الآخر على أيدي اقرباء.
“في اليوم الذي هربت فيه، قتل عم آخر لي. كانت طفلته أصيبت برصاص الجنود الاسرائيليين، فحملها الى مستشفى الهوسبيس في البلدة القديمة. وعند عودته قتل برصاص القنص”.
نافذ العطي: 21 عاما عام 1967 وعضو في جيش التحرير الفلسطيني “بالنسبة إلي، كانت حرب الثلاثة أيام. كنت في عام 1967 عنصرا في جيش التحرير الفلسطيني، وكنا حوالى 5000 شاب. كان على كل عائلة في غزة ان ترسل شابا نيابة عنها الى هذا الجيش. كنا نعتقد اننا جاهزون للدفاع عن أنفسنا على الاقل وليس للهجوم. كنا نحلم بدولة”.
“في اليوم الاول، كنت في القاعدة على الحدود بالقرب من خان يونس. حوالى الساعة العاشرة صباحا، سمعنا أصوات انفجارات. وبعد ساعة تقريبا جاء الينا ضابط من الشمال وقال +ضاعت البلاد. دخل الاسرائيليون بالدبابات، ولم نكن مستعدين لمقاومتهم+”.
“قال الضابط: +من يرغب منكم بمغادرة القاعدة فليرحل. كنا خمسة. غادر ثلاثة وبقيت مع عنصر آخر. كان لدينا كلاشنيكوف ومدفع واحد قديم. في اليوم الثالث، عدت الى مدينة غزة… كان كل شيء مدمرا، والجميع يغادر، عرفت انه قضي علينا”.
أبو جمال: 32 عاما في 1967 “كنا في مدينة رام الله عندما انتشر الجنود الاسرائيليون. تركنا منازلنا وقرانا، ودخل الجنود القرى وفتشوا كل البيوت. معظم الاشخاص الذين غادروا الى الاردن فكروا في ذلك الوقت بالمذابح التي ارتكبها اليهود ضد الشعب الفلسطيني”. (إشارة الى حرب 1948 التي سبقت إنشاء دولة اسرائيل والتي تخللتها تجاوزات ومجازر عدة).
بعد الحرب، “تغيرت الحياة لان اليهود حولوا الناس الى عمال في اسرائيل كي ينسوا أراضيهم”.
شابتاي بريل: 30 عاما وضابط استخبارات عسكري اسرائيلي في 1967 “وجدت اسرائيل نفسها وحيدة ضد سبع دول عربية مثلما حدث عام 1948. المدنيون الذين لم يكونوا يعرفون حجم قدرتنا العسكرية كانوا خائفين. انا كنت بالجيش مثل كثيرين ولم نقلق. المفاجأة كانت أن كل شيء حدث بسرعة كبيرة… لكن كنا متأكدين من النصر”.
“كنا أوّل من علم بتدمير القوة الجوية المصرية والسورية والاردنية خلال ثلاث ساعات، قفزنا من الفرح وشربنا الانخاب. كانت فرحة عسكرية. بعد ساعات علمنا ان قواتنا وصلت الى حائط المبكى. كانت فرحة وطنية”.
(أ ف ب)