الاردن اليوم- كتب:محمد سلامة
في ظل الحديث المتسارع عن قرب فتح المعبر الحدودي بين الأردن وسورية “نصيب”، ما زال ملف معبر نصيب من أبرز الملفات العالقة في الجنوب السوري ، وعلى عكس ما كان يوحي به من استعادة النظام السوري السيطرة على المعبر ، من استعجال إعادة فتح وتفعيل المعبر ، إلا أن ذلك لم يحدث إلى الآن.
وأثار تريث النظام السوري والأردن في إعادة افتتاح المعبر تساؤلات عديدة، خصوصا أن روسيا أعلنت أن طريق دمشق عمان بات آمنا بالكامل.
ويطمح الأردن للتعاون والمشاركة في إعادة الإعمار في سوريا، وخاصة في ظل التقارب الجغرافي والديموغرافي بين البلدين، وعودة الدولة السورية إلى معبر نصيب الحدودي، الذي يفتح آفاقا جديدة للتبادل التجاري.
وأفادت صحيفة “الوطن” السورية نقلا عن “تقارير إعلامية” عن رسالة “شخصية” موجهة من الحكومة الأردنية الجديدة إلى مسؤولين بارزين في دمشق، تستشعر فيها إمكانية تعاونها مع الجانب السوري.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع أن رسالة “شخصية” وليست رسمية، وصلت لمسؤولين بارزين في دمشق يستشعر فيها رئيس الوزراء الأردني الجديد عمر الرزاز، إمكانية تعاون حكومته مع الجانب السوري بخصوص إعادة فتح وتشغيل معبر نصيب الحدودي بين البلدين.
وأضاف المصدر: “إن رسالة رد ودية وصلت بصفة شخصية أيضاً من مسؤولين سوريين تتحدث عن الرغبة في التعاون مع الحكومة الأردنية، وتضمن الرد السوري تحفظاً وحيداً على حيثيات التعاون ويتمثل في أن تتم أي اتصالات عبر وزير الخارجية أيمن الصفدي”.
وأوضحت مصادر سياسية سورية ، أن إعادة فتح معبر نصيب أمام القوافل التجارية الأردنية واللبنانية، لن يكون قبل أن يرسل البلدان وفودا من مرتبة وزير الخارجية وما فوق، وأن يتقدما بطلب رسمي إلى الحكومة السورية لإعادة فتح المعبر، وأن تتم مناقشة جميع القضايا العالقة بين البلدان الثلاثة، سوريا ولبنان والأردن.
واعتبر مراقبون أن الحديث عن فتح الحدود بين الجانبين الأردني والسوري ما زال مبكراً، وأن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت حتى يتم تهيئة الظروف المناسبة أمنياً لأصحاب الشاحنات الذين سيسلكون الطريق نحو دمشق وغيرها من المحافظات السورية.
وفي ظل تزايد الحديث عن الجاهزية والتحديات للبدء بمرور المسافرين وحركة البضائع بين البلدين بعد سنوات من التوقف؛ وفي هذا الصدد نشرت معلومات بأن صيانة مكاتب التخليص الجمركي انتهت في الجانب الأردني، استعدادا لمعاودة العمل مع صدور قرار رسمي بفتح المعبر.تصاعد التعاون الأردني مع السوريين والانفتاح على سوريا خصوصا مع تزامن اعلان فتح معبر نصيب مع اعلان روسي (على لسان رئيس هيئة العمليات برئاسة أركان القوات المسلحة الروسية، سيرغي رودسكوي) بتأمين الحدود الشمالية الأردنية كاملة.
وكان وفد اقتصادي أردنيا توجه إلى دمشق في إطار التحضير لفتح المعابر الحدودية، اضافة إلى وجود تبادل أمني بين البلدين بهذا الشأن.
ويعوّل الأردن ولبنان وسوريا والعراق ودول الخليج على انتعاش اقتصاداتها عقب استعادة دمشق معبر نصيب على الحدود الأردنية والذي بقي مغلقا منذ اندلاع الحرب في سوريا.ويقول الأردن إن قرار فتح المعبر البري مازال مبكرًا ويتطلب ترتيبات فنية مع الجانب السوري.
يذكر أن معبر “نصيب – جابر”، يقع بين بلدة نصيب السورية في محافظة درعا وبلدة جابر الأردنية في محافظة المفرق، وهو أكثر المعابر ازدحاما على الحدود السورية، إذ وصل عدد الشاحنات، التي تمر من المعبر قبل نشوب الأزمة السورية في 2011 إلى 7 آلاف شاحنة يوميا.
وأغلق معبر نصيب في 2015 عندما سيطر عليه مسلحو المعارضة، مما أدى لقطع طريق عبور رئيسي لمئات الشاحنات يوميًا التي تنقل البضائع بين تركيا والخليج وبين لبنان والخليج.
وأعاد الجيش السوري في مطلع شهر يوليو تموز سيطرته بشكل كامل على معبر نصيب، الذي افتتح في العام 1997 .
فيما يرى الجانب السوري انه من المبكر الحديث عن فتح المعبر حيث أكد وزير الاقتصاد السوري سامر الخليل على أنه لا يرى في الوقت الحالي ما يدعو لإعادة فتح معبر نصيب على الحدود مع الأردن.
وقال الخليل عقب اجتماعه مع نظيره اللبناني حسين الحاج حسن في دمشق: “في دراستنا لفتح معبر نصيب، وجدنا أن لا قيمة كبيرة حاليا بالنسبة للمنتج السوري، والموضوع بحاجة لدراسة أكبر”.
لكن وزير النقل السوري علي حمود قال إن الطريق إلى المعبر الحدودي مع الأردن، المغلق بسبب الحرب منذ عام 2011، جاهز للاستخدام، وأن دمشق تدرس إمكانية فتحه بعد أن أعاد الجيش السوري سيطرته على المنطقة الحدودية.
وقال الوزير في حديث مع “رويترز”، إن الحكومة السورية لم تتلق بعد طلبا من الأردن بفتح المعبر. وأضاف: “الطريق أصبح جاهزا للتشغيل، بهذا الاتجاه ندرس إعادة فتح المعبر وتشغيله”.
كما اكد من جانبه وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي أكد في موضوع فتح الحدود مع سوريا أنه حتى الآن لم يطلب النظام السوري مباشرة فتح الحدود الذي أثير في محادثات مع مسؤولين روس.
ولفت الصفدي إلى أنه عندما يتم الطلب سنتعامل معه بكل الايجابية التي تخدم مصالحنا وأيضا تساعد الأشقاء السوريين على تلبية احتياجاتهم، بحيث تكون الحدود الأردنية كما كانت دائما بوابة لدعم السوريين.
ونبه الصفدي إلى أنه من ناحية المبدأ نحن نريد حدودا مفتوحة مع كل الدول العربية الشقيقة، مستطردا بقوله «لكن متى وكيف»، مضيفا عندما يأتي الطلب سيخضع لنقاشات تضمن مصالحنا وأمننا وأيضا تضمن أن يكون هنالك فائدة مشتركة للبلدين.
وقال رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، في مقابلة حصرية مع قناة “RT”:أن الأردن يدرك أهمية علاقته الاستراتيجية مع سوريا .
وأضاف ” هناك تنسيق أمني لغاية أسابيع وصل إلى درجات عالية من النجاح بين روسيا والأردن من أجل إعادة اللاجئين وأصبح نموذجا يحتذى به” ضمن المساعي الجارية لمساعدة اللاجئين السوريين في العودة الآمنة إلى ديارهم.
وحول ملف اللاجئين السوريين في الأردن، قال الطراونة:” تعامل الأردن مع اللجوء السوري منذ البداية بفتح الحدود على مصراعيها لجميع الأشقاء السوريين، لأنه تربط شعبينا علاقات قربى ودين وعرق ومن ثم جغرافيا”.
وأضاف المسؤول الأردني أن عودة اللاجئين إلى سوريا يجب أن تكون آمنة ومدروسة وطوعية، مؤكدا أن بلاده لن ترمي السوريين إلى الحدود، وهي لم تفعل ذلك في ظروف أصعب من تلك التي تمر بها حاليا، عندما كان أمن الأردن يتعرض لبعض الاستفزازات.
وأنعشت استعادة الحكومة السورية السيطرة على معبر نصيب مع الأردن آمال رجال الأعمال بعودة حركة التجارة النشطة مع سوريا، وكانت مليارات الدولارات من السلع القادمة من أوروبا تمر بالمعبر في طريقها إلى أسواق الخليج.
وقام النظام السوري برفع رسوم المرور البري قبل فتح معبر نصيب رسميا حيث أعلنت الحكومة السورية، في بيان خاص، عن رفع رسوم ترانزيت مرور الشاحنات عبر المعابر الحدودية البرية.
ويأتي رفع الرسوم في ظل الحديث عن قرب فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن، والذي يعتبر في غاية الأهمية على المستوى الاقتصادي لكل من لبنان والأردن وسوريا.
ويتوقع الأردن أن يستقطب مزيدًا من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في 2018، بحسب ما صرَّح به وزير الدولة لشؤون الاستثمار الأردني مهند شحادة، أن “سوريا سوق مهمة بالنسبة للأردن وإعادة الإعمار فيها فرصة كبيرة”، بحسب ما نقلت رويترز.
وبين شحادة، أن فتح معبر نصيب يحتاج إلى قرار سياسي وأمني وترتيبات فنية مع الجانب السوري، مشيراً إلى أن بلاده ستستقطب المزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2018، لتنمو قيمتها بنحو 5% هذا العام، بعد سنوات من الاضطرابات الإقليمية، بحسب تعبيره.
وقال شحادة: “نأمل أن يُفتح نصيب لكن هذا قرار سياسي وأمني”، وأضاف: “سوريا سوق هام بالنسبة لنا وإعادة الإعمار في سوريا فرصة”.
من جهته أفاد نائب رئيس هيئة مستثمري المناطق الحرة الأردنية، عطا الله الحسبان، بأن “أنباء عديدة تتوارد عن اقتراب فتح معبر نصيب (أو كما يعرف بمعبر جابر) الحدودي مع سوريا”، مشيرا إلى أن “الحركة التجارية مع سوريا ستحيي العديد من القطاعات، بسبب ربط السوق الخليجي مع سوريا من خلال الأردن”.